هل شياطين الانس اشد عداوة من شياطين الجن

ان كلمة الشيطان هي الابتعاد عن الحق واستحباب الشر وان يرضي المرء ان يكون خبيثا مطرودا من رحمة الله سواء كان جنيا او انسيا؛ وان من المؤلم ان شخص من بني جلدتك يتجانس معك يتكلم بلغتك ويشارك معك باللباس وتستودعه باسرارك وعرضك ومالك وتأخذ منه النصيحة والرأي ؛ فصار جزء منك ولكنه عدو خفي اشد خطورة وعداوة من شيطان الجن يستقوي بأكابر الابالسة ومردة مجرمين الشياطين ليحققوا له غاياته الدنيئة وأهدافه العليلة ؛ فهو صديقك في العلانية ولكنه عدوك في السر فشياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ليعذبوا ويوسوسوا ويفسدوا ويضلوا بالانسان الصادق مع ربه والشيطان الجني يتخفي وراء الشيطان الانسي ليظن اخوه الانسي انه رجل صالح فيوقعه في فخ الكبائر ووادي الشرور فكلما اعتصمت بحبل النجاة قطع منك ؛ وكلما نجوت من ذنوب الكبائر وتحررت من رق الشهوات والهوي وحسن حالك اغرقك بذنوب الصغائر؛ كلما وطأت قدماك الي بر النجاة من المعاصي استدعي اقرانه من شياطين الجن ليردوك الي اعماق الضلال والتيه ؛ كلما التحقت قوافل العابدين الصالحين وركب الاوابين التائبين صار قطاع الطريق نزع من قلبك وسلب منك ما دخرت من الاعمال الصالحة وتعيد الكرة من جديد ؛ كلما اصطلحت مع الله وانطرحت علي عتبته اوابا اواها اغتاظ وضاق صدره واختنقت انفاسه وانقبض قلبه يمكر لك الليل والنهار ويحيك لك مخططات الفساد والفجور والفسوق والعصيان ؛ كلما صعدت جبل التوبة والتقوي والعبادة والانابة ووصلت القمة وتقربت الي الله وانشرح صدرك بالعبودية ارداك من ذروة الجبل فاصبحت من الخاسرين ؛ كلما انبثق من وجهك نور الطاعة والعبادة حاول اطفاء هذا النور مهما كلفه فهو عدو لله ولرسوله والمؤمينين ؛ يتتلمذ بيد شياطين الجن بالخدعة والمكيدة والدسيسة والتلبيس والتضليل والتفسيق والتمويه ليخدمه لاضلال البشرية ؛

(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)

مداخل شيطان الانس كثيرة متنوعة تحمل الوانا شتي ومكور عديدة ولربما اكثر من مداخل شيطان الجن فشيطان الانس انه يرافقنا ويلازمنا ولا يفارقنا في كل الاوقات وفي كل مكان ؛ يهاجمك من طرائق شتي وغوائله لاحصرة لها ولعلها اكثر ضرراً وأشد فتكاً من شيطان الجن ؛ ان العداوة التي بيننا وبين ابليس واضحة لا لبس ولاغموض فيها وبيننا وبينه كراهيته ازلية مالا نهاية لها ومعركتنا تستمر ما دمنا احياء نرزق ؛ فهو مجرد حقود حسود ضعيف مذموم مدحور صاغر لا وزن له يخنس ويكنص ويتبخر حين نستعيذ بالله من وساوسه ونزغاته وهمزاته ولمزاته ؛ يسعى لكى يغوى ويضل ويغري ما يستطيع حتى لا يكون وحيدا فى النار ولكن الله امدنا سلاحا قويا نصد كيده ومكره فينهزم ؛ ولكن المعضلة هي شياطين الانس يخالطوننا ويزاحمون حولنا ويأكلون معنا ويشاركون معنا بكل تفاصيل الحياة ؛ ويتعاملون معنا في الاسواق والاعمال ودور التعاليم ويتواصلون بنا في الانترنت بعبارات منمقة خلابة فلا نراهم ؛ ويختفون وراء رسالات الالكترونية المقروءة بمفردات جذابة انه هو سحر العصر الحديث وشعوذة النت في تزييف الافكار وتعطيل العقول وتزيين الاكاذيب وزخرفة الباطل ؛ يرسلون سمومهم عبر الآلات الحديثة ويروجون افكارهم الخبيثة بالقنوات المسموعة باليوتوب وغيرها ؛ ويبعثون سراياهم عبر اشرطة التسجيلات العسلية الالفاظ يوزعونها مجانا دون ان تراهم فهذا هو الوحي الشيطاني عبر الاقمار الاصطناعية  ؛ فكأنهم شياطين الجن لا نراهم فهم اشد عداوة من مردة شياطين الجن (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ) ؛ فكم من شخص يتجسد امامك انه من حماة الدين وحراس العقيدة ويلبس لباس الصادق الامين والناصح الرحيم فهو من شياطين الانس ؛ فخلط عليك بين الحق والباطل فاولجك في متاهات الضلال والفساد فكم من شيخ عليم اللسان تستر بستار الدين فكان اشد عداوة وقساوة وفسقا من شيطان الجن ؛ فالشيطان الانسي لا ايمان له حتي وان اظهر الايمان لانه لا يأمر بالخير إنما يأمر بالسوء والفحشاء وأراحوا الأبالسة من الجن في كثير من الأمور فانهم يخدمونهم لاضلال العباد وافساد المجتمع ؛

شهر رمضان لتعظيم حرمته ومكانة قدره بين الشهور وكثرة ما  فيه من الفضائل تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب الجحيم وتصفد فيها مردة الشياطين ؛ ومن اجل هذا فلا بد القيام بفعل الخيرات والطاعات والانكفاف عن الفواحش والمحرمات والمخالفات وينزع الله شر وساوس الشياطين ونزغاته في صدور المؤمنين ؛ لكي يشمروا ويجتهدوا في الإكثار من الطاعات ومجاهدة النفس على ترك المعاصي ؛ ولكن الغريب نرى الشرور والانتهاك بحدود الله والمعاصى وارتكاب الجرائم واقتراف الكبائر واقعة في رمضان كثيرا فما السبب ؛ وان الجرائم والكبائر والمعاصي التي يرتکبها الانسان في شهر رمضان فهي نفس الننسبة او ربما اكثر منها التي يرتكبها الانسان في الاشهر الاخرى ؛ فاذا كان الشيطان مصفدا مقيدا فمن الذي يدفعه الانسان بالموبقات في رمضان ومن الذي يهيج ثورة شهوته ويحرك غريزته الجائعة ؛ ويتجرأ بفعل هذه الافاعيل الخبيثة التي ربما لاتخطر علي بال افكار الشيطان الجني ويخجل بها ان يرتكبها من شدة جرمها ؛ هؤلاء هم شياطين الانس الذين يستيجبون طوعا وكرهابكل اوامر ومطالب الشيطان؛
اولا لابد ان نعرف ان شياطين الانس ليسوا مصفدين ولا مكبلين بالقيود فيستمرون في غيهم وانحرافهم فلا يتوقفون ما الفت نفوسهم الشريرة الآمرة بالمنكرات والسوء ؛ فهم مجبولون في انتهاك المحظورات واتيان المنكرات فانفسهم باقية في حالها كما كانت قبل رمضان ؛ فلا يقوون التخلص علي الرذائل لانها طبعت في الشر والشيطنة فلا يستطيعون في تهذيبها وتزكيتها ولو في الشهر المبارك ؛ فهم لا يفرقون  في رمضان وغيررمضان فيواظبون علي ما تكيفوا في طوال السنة فتستمر نفوسهم سائرة علي ما تأقلمت ؛ لإن وحي الشيطان لا ينقطع منهم فلا يشعرون بنفحات رمضان وما فيه من الرحمة والمغفرة والاجر المضاعف فهم دعاة الفتنة حاملين راية قرينهم ؛ فقرينهم اللعين المصفد الذي كانوا يخدمونه قبل رمضان فيخدمونه ايضا في رمضان في حالة غيابه فما كان يقترفها قرينهم من جرائم في غير رمضان يوكل الي اصحابه شياطين الإنس فهم الذين يقترفون في رمضان نيابة عنه ؛ فهم سفراء الابالسة ونواب المردة فابليس وان كان مكبلا بالسلاسل والاغلال والاصفاد في رمضان فانه يترك من وراءه شياطين الانس ياَدون ما امرهم ان يفعلوا من بعده فلا يعصونه ؛ ينتجون في رمضان افلام خليعة ساقطة ومسلسلات ماجنة مخلة واغاني تذهب الحياء والخلق ومسرحيات هابطة تسلخ العفة والحشمة وتمرض القلوب وتفسد العقول والضمير وتعفن الفطرة السليمة ؛ 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا جاء رمضان فُتّحـت أبواب الجنة، وغُـلّـقـت أبواب النار، وصُفّـدت الشـياطين)

فإسم الشيطان ليس مختصا لإبليس وذريته فقط فكل من تنطبق عليه صفات ابليس وعمله وفساده وشره وخبثه فهو شيطان وان كان انسياً ؛ وكل من يتاجر الرذيلة ويروجها بين الناس بأي مصطلح غامض محفوف بالورود اوتحت أي مسمى موهوم فهو شيطان ؛ فكل من يعيث في الارض الفساد ويصد عن سبيل الله ويفسد عباد الله ويضلهم ويوسوسهم وينشر الرذيلة فهو شيطان رجيم ملعون مطرود من رحمة الله ؛ فقد امرنا الله ان نستعيذ به كل من يوسوس في صدورالناس سواء كان من الجن او من الناس

(قل اعوذ برب الناس ملك الناس الهِ الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس)

 وكل من يتاجر الرذيلة ويروجها بين الناس بأي مصطلح غامض محفوف بالورود اوتحت أي مسمى موهوم فهو شيطان لدود؛ ومن الصعب أن تميز بين شيطان أنسي وبين إنسان طبيعي طيب الباطن رفيع الخلق فمظهرهما الظاهري قد لا يكون فيهما فرق كبير من حيث الشكل الخارجي ؛ لعل الشيطان الانسي تجد فيه بعض الاحيان الود والتدين الكاذب المزيف وبشاشة الوجه الخداع وقد يكون عذب الكلام حلو الالفاظ ؛ ولا تستطيع أن تكشف علي سر حقيقته إلا إذا خالطت معه وحصلت بينكما معاملة ومعاشرة وتبادلت معه الاخذ والعطاء ؛ ثم أظهر لك بعض ما كان يخفي في باطنه العفن من سوء وفتن وفساد وخبث ونجاسة السريرة وحينئذ تشعر من قلبك يفر منه ويكرهه ويبتعد عنه ؛؛

 

 

 

 

 

Leave a comment